الجمعة، مايو 03، 2013

السنن المنسية والمهجورة عن الرسول صل الله عليه وسلم









بسم الله الرحمان الرحيم




الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد فإننا سطرنا بعضا من السنن المهجورة بحمد الله و منته و فضله، لكن قبل المتابعة وجب علينا النظر قليلا في حالنا و مدى تعلُّقنا و حبنا لرسولنا صلى الله عليه و سلم. فنرى هل فعلا نحبه قولا و فعلا أم أن عين الحال يعكس خلاف ما نقول، قد نُجيبُ مباشرة بل نحبه قلبا و قالبا، لكن ! هذا حال كل مسلم على البسيطة فأين تتجلى هذه المحبة ؟.

يقول ربنا جل و علا : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣١﴾ سورة آل عمران ، قال بن كثير رحمه الله في تفسير الآية : هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله ، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر ، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ولهذا قال : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) أي : يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه ، وهو محبته إياكم ، وهو أعظم من الأول ، كما قال بعض الحكماء العلماء : ليس الشأن أن تحِب ، إنما الشأن أن تحَب ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .انتهى
وقال سهل بن عبد الله : علامة حب الله حب القرآن ، وعلامة حب القرآن حب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلامة حب النبي - صلى الله عليه وسلم - حب السنة .

فكيف نعكس هذه المحبة في حركاتنا و سكناتنا ؟ علينا بداية معرفة معنى قول ربنا عز و جل ثم نطبقه فِعْلِيّا في حياتنا و إنه تعالى قال : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ( ٨٠) سورة النساء و قال أيضا : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (٧ ) سورة الحشر
فكان الصحابة رضوان الله عليهم يطيعون الرسول و يتنافسون على خدمته حتى نراهم مِن فرط حبهم له يتنافسون على حمايته و إيثاره على أنفسهم فهذا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول : إنا يوم الخندق نحفر ، فعرضت كدية شديدة ، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق ، فقال : ( أنا نازل ) . ثم قام وبطنه معصوب بحجر ، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب الكدية ، فعاد كثيبا أهيل ، أو أهيم ، فقلت : يا رسول الله ، ائذن لي إلى البيت ، فقلت لامرأتي : رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذلك صبر ، فعندك شيء ؟ قالت : عندي شعير وعناق ، فذبحت العناق ، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة ، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر ، والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج ، فقلت : طعم لي ، فقم أنت يا رسول ورجل أو رجلان ، قال : ( كم هو ) . فذكرت له ، قال : ( كثير طيب ، قال : قل لها : لا تنزع البرمة ، ولا الخبز من التنور حتى آتي ، فقال : قوموا ) . فقام المهاجرون والأنصار ، فلما دخل على امرأته قال : ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم ، قالت : هل سألك ؟ قلت : نعم ، فقال : ( ادخلوا ولا تضاغطوا ) . فجعل يكسر الخبز ، ويجعل عليه اللحم ، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ، ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع ، فلم يزل يكسر الخبز ، ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية ، قال : ( كلي هذا وأهدي ، فإن الناس أصابتهم مجاعة ) .
صحيح البخاري - 4101
ثم في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال أبو طلحة لأم سليم لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا ، أعرف فيه الجوع ، فهل عندك من شيء ؟ فقالت : نعم ، فأخرجت أقراصا من شعير ، ثم أخذت خمارا لها ، فلفت الخبز ببعضه ، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهبت فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس ، فقمت عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أأرسلك أبو طلحة ) . فقلت : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه : ( قوموا ) . فانطلقوا وانطلقت بين أيديهم ، حتى جئت أبا طلحة فأخبرته ، فقال أبو طلحة : يا أم سليم ، قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم ، فقالت : الله ورسوله أعلم ، فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة حتى دخلا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هلمي يا أم سليم ما عندك ) . فأتت بذلك الخبز ، قال : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الخبز ففت ، وعصرت أم سليم عكة لها فأدمته ، ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ، ثم قال : ( ائذن لعشرة ) . فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثم قال : ( ائذن لعشرة ) . فأذن لهم ، فأكل القوم كلهم وشبعوا ، والقوم سبعون أو ثمانون رجلا .
صحيح البخاري - 6688

سبحان الله حب للنبي و إيثاره على النفس و هُم يكابدون مرارة الجوع لكن الله يكافئهم في دنياهم قبل آخرتهم و من عظيم مَشاهد حب النبي عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم و فدائه بالروح حديث قيس بن أبي حازم قال رأيت يد طلحة شلاء ، وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد . صحيح البخاري - 4063
فيقول أبو طلحة :بأبي أنت وأمي ، لا تشرف ، يصبك سهم من سهام القوم ، نحري دون نحرك
صحيح البخاري - 4064
و كذا في سيرة أم عمارة قالت : رأيتني ، وانكشف الناس عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فما بقي إلا في نُفَيْرٍ ما يتمون عشرة ; وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذبُّ عنه ، والناس يمرون به منهزمين ، ورآني ولا تُرْسَ معي ، فرأى رجلا مُوَلِّيًا ومعه ترس ، فقال : ألقِ تُرسك إلى من يقاتل . فألقاه ، فأخذتُه . فجعلت أترس به عن رسول الله . وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ; لو كانوا رَجَّـالة مثلنا أصبناهم -إن شاء الله .( سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي و ابن سعد في الطبقات )
و نرى سبحان الله طريقة أخرى لإبراز حب الصحابة رضوان الله عليهم للرسول صلى الله عليه و سلم تتجلى في الشِّعر فعن أمنا عائشة رضي اله عنها قالت : استأذن حسان بن ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فكيف بنسبي ) . فقال حسان : لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين . وعن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ذهبت أسب حسان عند عائشة ، فقالت : لا تسبه ، فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
صحيح البخاري : 6150أجل إخوة الإيمان هذه بِضع قليلة من أنواع إظهار حب نبينا و نحن الآن نقول فداك نفسي فداك أهلي و مالي يا رسول الله ، لكن ! هل نعلم حقا معناها ؟

حينما قام الكافر الملعون برسم مسيء لنبينا الكريم نهض المسلمون من كل حذب و صوب يتظاهرون ينددون و يقاطعون، لكن ! أين هم الآن؟ هل كف المشركون عن إساءتهم ؟ أم أن عين الرضى طالت أعداءنا ؟ و لو أن المسلمين يدركون قول ربنا عز و جل : ( وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ. ) سورة التوبة ﴿١٢٠﴾ لَما توقفوا عن قهر الكفار و لو بمقاطعة سِلعهم التي أعلنوا حينها عن خسارات فادحة اقتصاديا و أين نحن من قول رسولنا صلى الله عليه و سلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا .
هل كنا لإخواننا في فلسطين و باقي دول العالم المتضررين كالبنيان المرصوص؟ و مِن عجيب ما حكى لي أخي أن المغاربة حينما نظموا مظاهرة في الدار البيضاء للضغط على الحكومة لمؤازرة إخوتنا في غزة بأي وسيلة كانت و إذ بهم يفاجَؤون أن أعضاء الحكومة هم في الصف الأول للمظاهرة !!! فعلِم أن ذلك مضيعة للوقت و لله ذر إخواننا هو وليهم و نِعم النصير.

هكذا و للأسف يوجد أيضا ممن يدّعي الإسلام و حب النبي و تجده لا يتوانى عن قول الإثم وتعليمه فأذكر أن أستادا لي - يا حسرة - قال لنا في القِسم : العالَم يتَطَوّر و يتقدم و نحن لا زِلنا نتناقش عن إدخال الرِّجْلِ اليُمنى في الحِذاء .
سبحان الله و هل إدخال اليُمنى يوقف عجلة التَّطوّر ؟ إنما ابتعادُنا عن تَعاليم رسولنا صلى الله عليه و سلم مَن جعلنا نتخلَّف و نتبع أذيال اليهود و النصارى حتى صدق فينا قوله صلى الله عليه و سلم : حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم.

فوجب إخوة الإيمان أن نجدد إخلاصنا و طاعتنا لرسولنا و نُبين للناس قدر المُستطاع أننا نحبه قولا و فِعلا و لَو بتطبيق السّنن و الأذكار اليومية فإنها حتما ترقى بنا و لا نغفل عن تلقينها لأبنائنا فيكون لنا ثوابها إن شاء الله و ثواب مَن عمل بها إلى يوم القيامة.

و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السلام عليكم ورحمة الله

شكرا لك على التعليق يسعدني أن اتلقى توجيهاتكم وملاحظاتكم

لمـــن خــــــــــــــــــاف مقام ربــه جنتا